قصص أطفال حول صوم.

القائمة الرئيسية

الصفحات

قصص أطفال حول صوم.

قصص أطفال حول صوم.

قصص أطفال حول صوم.

جاء شهر رمضان المبارك، فعمت الفرحة قلوب المسلمين، وبانت ملامِحه في بيوتهم ومحلاتهم وشوارعهم.

وراح الناس يتقربون إلى الله بالأعمال الصالحة؛ من ذكر ودعاء، وصدقة وصلاة... رغبة في اغتنام كل لحظة من هذا الشهر في طاعة الله؛ لنيل رضاه، والفوز بالجنة ذات النعم الجزيلة.

وككل بيت مسلم، كان بيت أحمد غامرا بالسعادة والفرح؛ فقد اعتاد مع زوجته وأبنائه على قضاء شهر رمضان في جو خاص يعمه التعاون و الحب.

يهدون لجيرانهم مما أعدوه لإفطارهم، ويدعون أقاربهم للإفطار في بيتهم، فيكرمونهم بما لذ وطاب من طعام؛ أملا في الحصول على أجر تفطير الصائمين، ويتصدقون على الفقراء والمحتاجين في المدينة.
ويجلسون مجتمعين لفترات زمنية أطول من المعتاد، يقرؤون فيها القرآن، أو يدرسون  سيرة النبي - صلى الله عليه وسلم - ويتذاكرون التاريخ، ويتعلمون أشياء جديدة عن الصوم والصلاة، أو الجنة والنار، والأخلاق الحميدة وطيبة... وغيرها.

وفي ليلة السابع والعشرين من رمضان، عاد أحمد كعادته من صلاة التراويح، وما أن دخل البيت حتى توجه إلى غرفة الجلوس؛ حيث كان ينتظره زوجته وأبناؤه، ألقى عليهم السلام.

وجلس بينهم، ناولته زوجته المصحف، فراح يرتل القرآن وهم صامتون ومنصتون في خشوع، ثم رفع يديه، وأخذ يدعو له ولأولاده وللمسلمين ، بالمغفرة ولرحمة، والصحة والعافية.

وهم حوله يرددون وراء أمهم قائلين: آمينَ، آمين،آمين.

بعدها أخذوا يشربون عصير البرتقال البارد المنعش، ويأكلون من الحلوى الشهية اللذيذة، ويتبادلون أطراف الحديث.

قالت البنت "سعاد": أبي، لقد وعدتني أن تسمح لي بالصوم يوم السابع والعشرين، وقد انتظرتُ ذلك كثيرًا.

قالت الأم: حاول من جديد يا بني؛ فأخوك "عمر" قد صام في مثل سنك، واستطاع أن يتعود.

عمر: أجل يا ياسر، لقد صمت في التاسعة من عمري، وقد كان ذلك صعبا جدا علي، ولكن أبي وأمي شجعاني، ووعداني بجائزة، فكنت كلما أحسست بالجوع والعطش، أتذكر الجائزة، وأفكر في نوعها وماذا ستكون... إلى أن انتهى اليوم.
وأنا الآن أفعل نفس الشيء، إنني أتذكر دائما الجائزة التي سأحصل عليها من الله بعد كل يوم من الصبر والتحمل. 

خالد: وهل ستحضر لنا الجوائز إن صمنا يا أبي؟

الأب: نعم، سأحضر لكما جائزتين جميلتين - بإذن الله. 

أمرت الأم كلا من سعاد وخالد بالتوجه إلى سريره؛ ليناما حتى يتمكنا من القيام وقت السحر، فراحا يتسابقان وهما يضحكان.

في وقت السحر، قامت سعاد بمجرد أن نادتها أمها، بينما لم يستيقظ خالد إلا بعد جهد كبير من أمه.

في الصباح أيضا، قامت سعاد سعيدةً تلعب، تضحك، تساعد أمها في أشغال البيت، أما خالد فقد تأخر في النوم إلى حدود الساعة الواحدة ظهرا، وقام متكاسلا، ولا يكاد أحد من الأسرة يطلب منه طلبا إلا ويسارع بالقول: أنا اليوم صائم.

في المساء، سألت الأم سعاد وخالد عما يرغبان في تناوله أثناء الإفطار، فطلبت سعاد قالب حلوى بالشيكولاتة، أما خالد، فطلب من أبيه أن يشتري لهم الكعك الذي يحبه كثيرا، فأعطاه الأب النّقود، وأمره أن يتجه إلى أقرب دكان للحلويات، ويشتري كيلو غراما من الكعك.

ذهب خالد إلى دكان الحلويات، وأخذ ينظر إلى أنواع الحلويات الشهية المعروضة للبيع  ويتمنى لو يتذوقها.

ثم اشترى الكعك، ودار عائدا إلى البيت، وبينما كان يمشي كان يفتح كيس الكعك من الحين إلى الآخر.
وينظر إلى الكعك في لونه الذهبي، ويشم رائحته، ثم يغلق الكيس، إلى أن خطرت على باله فكرة؛ إذ قال في نفسه:

لماذا لا أتذوق من هذا الكعك، وأكمل الصوم؛ فلا أحد يراني؟.

فتح الكيس وأخذ كعكة، وبدأ يأكلها، وهو يقول: سآكل واحدة فقط، إي، إنه شهي كما أحبه تماما أنهى الكعكة، وراح يمشي وهو يتمتم: لقد أكلت واحدة، فماذا يضر لو أكلت واحدةً أخرى؟.

ومد يده وأخرج كعكة أخرى من الكيس، والتهمها، وما أن أكملها حتى أخرج الثالثة، وراح يأكلها، وقبل أن ينتهي منها، شعر بالغثيان، وكاد أن يتقيأ، فجلس على الرصيف.

عاد إلى البيت بصعوبة، وما أن دخل حتى قال لأمه: لقد قلت لكم لا أستطيع الصوم، هأنا أشعر بالغثيان والألَمِ في معدتي، أنا ذاهب إلى النوم ابتسمت الأم وقالت له:

لا عليك يا بني، لقد اقترب موعد الإفطار.

توجه خالد إلى سريره، وألقى بجسمه عليه وهو يشعر بالألم في معدته، والقلق والاضطراب في نفسه، وبدأ يشعر بالندم وتأنيب الضمير على أكله للكعكات وهو صائم.

قبيل أذان المغرب، كانت الأم تعد مائدة الإفطار، وحين كانت تضع الكعك، انتبهت إلى أمر، وهو أنه ناقص.

وقد كانت عادة تكون في الكيلوغرام تسعة كعكات، غير أنها لم تجد إلا ستة منها، فنادت خالد، وسألته قائلة: هل اشتريت كيلو غراما من الكعك يا خالد؟
اضطرب خالد واحمر وجهه، وأجاب بتلعثم: نعم، هذا ما أعطاني البائع.

انتبهت الأمّ إلى اضطراب خالد، وتذكرت شعوره بالغثيان والألم في معدته، فشكت في صيامه، وقلقت من أجله، أدارت رأسها إليه وقالت: شكرا يا بني، ناد إخوتك، وتعال؛ فإنه سيؤذن بعد لحظات.

اجتمعت الأسرة حول طاولة الطعام، وما هي إلا هنيهة من الزمن حتى أذن أذان المغرب قائلا: الله أكبر.

قال كل من الأب والأم: بسم الله.

ورددها الأولادُ خلفهما، وبصوتٍ جماعي شجي: بسم الله.

وامتدت الأيادي إلى التمر والحليب، غير أن خالد وقف ومد يديه في لهفة إلى كوب الماء، وأخذ يشرب، غير أن أمه أمسكت بيديه وأوقفته عن الشرب، قائلة:

لا، لا يا خالد، سيضرك شرب الماء الآن، وبهذه الطريقة، فجلس وأخذ يأكل مما يأكلون.

صلوا صلاة المغرب جماعة، ثم عادوا إلى المائدة بينما تأخر الأب، ثم لحق بهم يحمل بين يديه هدايا ذات أغلفة براقة، راحت سعاد تجري وهي تقول: 

أريد هديتي يا أبي، ما هي الهدية؟ هل هي جميلة؟.

بينما لم يتحرك خالد من مكانه حيث يتكئ، نظرت أمه إليه وقد كانت تراقبه، وقالت: 
ألا تريد هديتك أنت أيضا يا خالد؟

اعتدل جالسا، وقال لها: لا أدري، إني متعب، لا أشعر باللهفة مثل سعاد لمعرفة الهدية؟ كيفما كانت، فهي جميلة.

أعطى الأب لـ سعاد هديتها، وراحت تفتحها، ثم قدم لـ خالد هديته، ولـ عمر أيضا هدية، فابتسم عمر وقال: شكرا يا أبي، ظننت أن الهدايا لخالد وسعاد فقط.

قال له أبوه: أنت أيضا تستحقّ الهدية؛ لأنك تصوم رمضان، وتصلي وتفعل كل خير وجميل.

فتح الأولاد الهدايا في جو من البهجة والسرور، وتناولوا إفطارهم، غير أن الأم كانت تراقب خالد كل الوقت.

وما أن ذهب لينام حتى تبعته، جلست على سريره، ووضعت رأسه في حجرها، وقالت له: ما لي أراك متوترا غير مسرور؟ هل تعاني من مشكلة ما؟

قال لها: لا، لا أعاني من شيء سوى التعب؛ بسبب الصوم.

قالت: ولكنني وجدت الكعك ناقصا يا بني، هل نسيت أنك صائم فأكلت منه؟

اعتدل خالد جالسا، ونظر إليها، واغرورقت عيناه بالدموع، ثم قال لها: لقد كنت جائعا، وأغراني الكعك برائحته الشهية، فأكلت منه، وقد ندمت كثيرا، وأنا الآن أشعر بالألم؛ لأنّ أختي سعاد أحسن مني، وأنني لا أستحق الهدية.

مدت الأم يدها، وراحت تمسح دموعه التي بدأت تنزل على خديه، وهي تقول له: كان عليك أن تقاوم رغبتك في أكل الكعك.

لأنك صائم يا بني، فنحن نصوم شهرا كاملاً؛ لنتعلم كيف نتحكم في أنفسنا أمام ما نشتهي، أرأيت كيف كانت نتيجة الضعف أمام أي شيء تطلبه النفس، ولو كان ممنوعا؟.
لقد بدت سعاد سعيدة ومسرورة؛ لأنها حققت نجاحا في الصوم، بينما كنت أنت حزينا وخائفا ونادما؛ لأنك فشلت في امتحان الصبر.

رمى خالد بجسده على أمه، وراح يتوسل إليها ألا تخبر أباه وأخويه بما فعله، وهي تقول له: ولكن الله رآك يا خالد، وذلك هو المهم؛ لأنه يرانا دائما، وفي أي مكان، وهو الذي يحاسبنا على أفعالنا.

فصاحب الأعمال الحسنة يجازيه بالحسنات مثل سعاد، وصاحب الأفعال السيئة يجازيه بالسيئات.

صمت خالد برهة، ثم قال بصوت منخفض: أنا نادم، ولن أعيدها مرة أخرى، سأصوم - بإذن الله - وأتمالك نفسي أمام الطعام.

ضمّته الأم إلى صدرها، وهي تقول له: وأنا أعدك يا بني بألا أُخبر أحدا بما جرى ما دمت نادما ولن تعيدها، وسأدعو الله أن يساعدك على النجاح ويوفقك.

reaction:

تعليقات